كيف تستثمر أموالك وما أنواع الاستثمار المتاحة

يعتبر استثمار الأموال بغرض تنمية ثروتك بمرور الوقت أحد التحديات الكبرى بالنسبة لكثيرين. وتزداد صعوبة الأمر في ظل افتقار الغالبية العظمى إلى الخلفية المهنية أو المعلومات الكافية حول طرق وآليات الاستثمار. ستسمع أيضًا آراء متضاربة حول أفضل الخيارات الاستثمارية من أصدقائك وأفراد العائلة، ناهيك عن العروض التي ستتلقاها من البنك الذي تتعامل معه أو شركات الاستثمار والتأمين التي حصلت على رقم هاتفك بطريقة أو بأخرى.

سنحاول في هذه المقالة سبر أغوار بعض المفاهيم السائدة في عالم الاستثمار، مع التركيز بشكل أكبر على الاحتياجات الاستثمارية للمبتدئين. سنتعرف أيضًا على قنوات الاستثمار المتاحة، وما هي أنواع الاستثمارات الأكثر أمانًا وربحية.

أفضل طرق الاستثمار للمبتدئين

إذا طرأت فكرة استثمار الأموال على ذهنك منذ فترة وجيزة، ولكن ليست لديك معلومات كافية عن كيف تخطو خطوتك الأولى على هذا الطريق، فإن هناك سؤالين رئيسيين يجب أن تطرحهما على نفسك:

  1. ما مقدار المساعدة التي تحتاجها لاتخاذ قرارات الاستثمار؟
  2. ما مقدار الأموال التي تنوي تخصيصها للاستثمار؟

الإجابة على هذين السؤالين سوف تفتح أمامك مسارات بديلة يمكنك السير فيها. قد يبدو الأمر معقدًا بعض الشيء، ولكن لا داعي للقلق. الفكرة ببساطة هو أن مقدار خبرتك الاستثمارية سيحدد أفضل المنتجات التي يمكنك الاستثمار بها، وكذلك اختيار منصة الاستثمار المناسبة. الإجابة على السؤال الثاني ستكون عاملاً رئيسيًا في اتخاذ القرار أيضًا، حيث أنها ستحدد مدى ملائمة ميزانيتك الحالية لمنتجات الاستثمار المتاحة.

الخطوة 1: تحديد خبرتك الاستثمارية

امتلاك الحد الأدنى من المعرفة سيسمح بأن تخطو على الأقل خطواتك الأولى في هذا العالم المثير بدرجة معقولة من الثقة. على سبيل المثال، إذا كنت قد حصلت على دورات تعليمية في مجال التحليل الفني أو الأساسي، تستطيع فتح حساب لدى شركة وساطة، وإيداع الأموال، ثم بدء الاستثمار وفتح الصفقات بنفسك.

يختلف الأمر إذا كنت تفتقر تمامًا لأي معرفة أو خبرات استثمارية، حيث ستضطر في هذه الحالة إما للاستعانة بخدمات مديري الأصول أو الاقتصار على بعض المنتجات الاستثمارية منخفضة المخاطر، مثل السندات وحسابات التوفير وصناديق الاستثمار المشتركة. العيب الرئيسي في هذا الخيار الأخير هو أنك ستتكبد رسوم باهظة مقابل الحصول على خدمات المديرين المؤهلين لإدارة أصولك.

الخطوة 2: تحديد مقدار الاستثمار

الخطوة التالية في رحلة الاستثمار هي تحديد المبلغ الذي تنوي استثماره. بطبيعة الحال، فإن قيمة هذا المبلغ ستتوقف في البداية على حجم المدخرات التي تقوم باستقطاعها من دخلك الشخصي بعد خصم النفقات الضرورية. أحد النقاط الهامة في هذا الصدد هو الوعي بالفارق بين المدخرات والاستثمارات. هذه التفرقة مهمة لأن الاستثمار بطبيعته ينطوي على مخاطر عديدة، ولهذا من الضروري أن يقتصر في بعض الحالات على الأموال التي يمكنك تحمل تبعات خسارتها. 

ولتوضيح الأمر، إذا افترضنا أن دخلك الشهري كان 10,000 ريال، فيما تبلغ نفقاتك الشهرية 5,000 ريال. في هذه الحالة يمكنك تقسيم المبلغ المتبقي، أي 5,000 ريال، إلى 4000 ريال يتم ادخارها أو استثمارها في منتجات منخفضة المخاطر، فيما يوجه الجزء المتبقي، أي 1,000 ريال، إلى مجالات استثمارية تحقق عائد أكبر، مثل صناديق الاستثمار العقاري، ولكنها بطبيعة الحال تنطوي على مخاطر أكبر. وفق هذا المثال البسيط، فإن خسارة الألف ريال أو جزء منها لن يشكل عبءً كبيرًا سواء على ميزانيتك الشهرية المخصصة لتلبية نفقات المعيشة، أو حتى على مدخراتك المخصصة لأغراض الطوارئ.

ما هي مقدار الأموال التي ينبغي استثمارها؟

هذا السؤال قد يكون صيغة مختلفة للسؤال السابق حول مقدار الأموال المخصصة للاستثمار. بعبارة أخرى، إذا كان أحد مجالات الاستثمار يستهويك بشكل خاص، فمن الضروري أن تكون على دراية بالحدود الدنيا للاستثمار في المنتجات المرتبطة بهذا المجال. هذه الحدود الدنيا للاستثمار يحددها عاملين رئيسيين:

  1. الجدوى الاستثمارية:

يتعلق هذا الأمر برأس المال الذي يجب تخصيصه لتحقيق عائد مجزي على الاستثمار. هذا المعيار أكثر أهمية عند الاستثمار عن طريق التداول المالي في أسواق الأسهم والعملات والسلع والنفط والذهب. يعزى ذلك إلى أن التداول يتطلب بذل مجهود كبير في تحليل الأسواق المالية ورصد فرص الربح المحتملة، وبالتالي لابد من توفر رأسمال كافي بحيث يبرر الربح المُحقق الوقت الذي ستخصصه والجهد الذي ستبذله في التداول.

  1. الاشتراطات التنظيمية:

الحد الأدنى للاستثمار في بعض أسواق المال قد تمليه الاشتراطات التنظيمية أو الممارسات المتعارف عليها لدى الوسطاء العاملين في هذا المجال. على سبيل المثال، فإن تداول بعض المنتجات المركبة مثل عقود الخيارات يتطلب امتلاك معرفة أو خبرة سابقة بهذا النوع من المنتجات، كما تضع بعض البلدان شروطًا للحد الأدنى لحجم المحفظة الاستثمارية كي تسمح للمتداول بالوصول إلى بعض المنتجات الاستثمارية. 

وعلاوة على ذلك، فإن التداول في البورصات الرسمية يتطلب في معظم الأحيان حد أدنى للاستثمار قد لا يقل عن 50,000$ كي يسمح الوسيط للمستثمر بفتح حساب معه. يختلف الأمر قليلاً عند التعامل مع وسطاء التجزئة، حيث يمكنك بدء استثمارك بمبلغ قد لا يتجاوز 1,000$.

خيارات الاستثمار المتاحة

كما أشرنا آنفًا، هناك المئات من منتجات الاستثمار المتاحة، والتي يتوقف الاختيار من بينها على خبرتك المهنية وحجم رأسمالك. نستعرض في السطور القادمة أهم مجالات الاستثمار التقليدية التي تستحوذ على نصيب الأسد في عالم الاستثمار.

الأسهم

يعتبر سوق الأسهم هو أشهر وأقدم الأسواق المالية قاطبةً حيث تعود نشأته إلى مئات السنوات. الاستثمار في الأسهم يعني ببساطة شراء حصة في ملكية إحدى الشركات، والتي تخولك في مقابل ذلك الحصول على توزيعات الأرباح التي تقررها إدارة الشركة. وعلاوة على ذلك، يحق لك حضور الجمعية العمومية بصفتك مساهم في الشركة، والتي تُعقد عادةً مرة واحدة كل عام، والمشاركة في اتخاذ القرارات المصيرية مثل اختبار مجلس الإدارة ومدقق الحسابات. من زاوية العائد، تستطيع تحقيق ربح عند تداول الأسهم عن طريق بيع السهم بسعر أعلى من سعر الشراء، بجانب نصيبك من الأرباح الموزعة.

صناديق الاستثمار المتداولة

صناديق المؤشرات المتداولة (ETFs) هي أحد أنواع الأوراق المالية التي تتبع سعر إحدى المؤشرات، أو السلع أو الأسهم أو أي أصول أخرى، ويمكن شراؤها وبيعها في البورصات تمامًا مثل الأسهم العادية. تُستخدم صناديق ETF كأداة لتحقيق الدخل عن طريق الاستفادة من ارتفاع أسعار الأصول التي يستثمر فيها الصندوق.

العملات الرقمية

ينطوي تداول العملات الرقمية بشكل رئيسي على شراء العملات المشفرة مثل البيتكوين والإيثريوم والريبل والعديد غيرها. يجري التداول على مدار اليوم دون توقف طوال أيام الأسبوع، حيث لا توجد ساعات عمل محددة أو بورصة مركزية للعملات المشفرة.

الاستثمار في النفط

ينطوي تداول النفط على شراء وبيع بعض أنواع النفوط المتاحة في الأسواق العالمية. يجري تداول النفط على مدار اليوم من الاثنين وحتى الجمعة، ويتم تسوية المعاملات كل يوم في وقت محدد بهدف إيجاد أسعار مرجعية يمكن الاعتماد عليها في تسعير صفقات النفط المختلفة. يجري تداول النفط بشكل رئيسي في بورصات رئيسية للعقود الآجلة والفورية مثل بورصة شيكاغو التجارية وبورصة لندن والعديد غيرها. يتوفر تداول النفط أيضًا عبر منصات وسطاء التجزئة، والتي تتيح للمتداولين الأفراد الدخول إلى هذا السوق برأسمال صغير من خلال المضاربة على أسعار مشتقات النفط.

كيف تستثمر أموالك بعائد شهري؟

الطريقة الوحيدة للحصول على عائد ثابت، سواء بشكل شهري أو سنوي أو كل ربع سنة، هي الاستثمار في أدوات الدخل الثابت و حسابات التوفير البنكية وشهادات الإيداع. وتستحوذ السندات على النصيب الأكبر من أدوات الدخل الثابت التي يمكن للأفراد العاديين الاستثمار بها. يحصل حائز السند على كوبونات للعائد يتم صرفها في تواريخ دورية محددة. الخيار الثاني هو إيداع أموالك في حساب توفير أو ادخار يُغل عائدًا دوريًا. هناك عدة أنواع لهذه الحسابات المصرفية، ولكنها تنقسم عادةً إلى حسابات الودائع بأجل وشهادات الاستثمار. 

وبرغم مزايا الحصول على عائد مؤكد في مواعيد ثابتة، فضلاً عن انخفاض نسبة المخاطرة في هذه النوعية من الاستثمارات، ولكن يعيبها انخفاض معدل العائد الاستثماري، والذي يغطي بالكاد معدلات التضخم.

مقارنة بين استثمار أموالك في الذهب أو استثمارها في البنك

يعتبر الذهب والحسابات البنكية هي خيارات استثمار الأموال الأكثر شيوعًا بين العامة من غير المتخصصين في مجالات الاستثمار. الفارق الرئيسي بينهما هو أن الذهب يعتبر واحد من أهم الأصول المتداولة في الأسواق المالية، ولهذا يخضع سعره لقوى العرض والطلب، والتي تؤدي في كثير من الأحيان إلى تقلبات سعرية حادة. السمة الرئيسية التي ينبغي أخذها في الاعتبار هو أن الذهب لا يُغل عائدًا لحامليه، ولهذا يعتبر أقرب إلى كونه أحد أدوات الادخار وليس الاستثمار.

على سبيل المثال، كان الذهب قد سجل قمته التاريخية السابقة في عام 2011 على حدود المستوى 1920$ للأوقية، ثم بدأ من هذه النقطة رحلة هبوطية استثمرت لأكثر من 10 سنوات حتى نجح في كسر القمة المذكورة في عام 2020 ليسجل قمة جديدة عند 2074$ للأوقية. 

يعني ذلك أن المستثمر الذي وضع أمواله في الذهب لم يحصل على أي عائد طوال هذه السنوات، بل أنه اضطر للانتظار لنحو عقد كامل قبل أن يتمكن من استعادة مبلغ الاستثمار المبدئي. وبرغم أن هذه الحقيقة قد تبدو غريبة للبعض والذي ربما يدعي أن قيمة مقتنياته من الذهب قد تضاعفت عدة مرات خلال السنوات الماضية. ولكن في حقيقة الأمر، فإن تلك الزيادة المزعومة تعزى إلى التضخم وانخفاض قيمة العملة المحلية، وليس لارتفاع سعر الذهب نفسه.

الطريقة الثانية لتحقيق عائد ثابت هي إيداع الأموال في حسابات بنكية ذات فائدة ثابتة أو متغيرة. الميزة الرئيسية لهذا الخيار هو أنك مُحصن من التقلبات السعرية التي يشهدها الذهب. ولكن على الجانب الآخر، فإن استثمارك قد يكون مهددًا بارتفاع التضخم وتآكل قيمة العملات الورقية. بعبارة أخرى، فإن العائد الذي ستحققه سيكون زيادة اسمية ولا يعبر عن دخل حقيقي، وهو الأمر الذي يمكن تمييزه بسهولة عند مقارنة القوة الشرائية للأموال بعد مرور عدة سنوات.

كيف تستثمر أموالك في الذهب

هناك طريقتين رئيسيتين للاستثمار في الذهب. الطريقة الأولى هي شراء المعدن النفيس في شكل سبائك أو مجوهرات من المحلات والشركات المتخصصة في بيع المشغولات الذهبية. الطريقة الأخرى هي الاستثمار في الذهب من خلال عقود المشتقات المالية، مثل عقود الفروقات. في هذه الحالة أنت لن تمتلك الذهب بشكل فعلي، بل بالأحرى تضارب على تغير السعر.

خاتمة

استعرضنا في السطور السابقة أفضل مجالات الاستثمار المتاحة، وحاولنا التفرقة بين مفاهيم قد تصيب المبتدئين بالارتباك. وكما أشرنا آنفًا، من المهم التفرقة بين ادخار الأموال بغرض تكوين احتياطي يمكن استخدامه في حالات الطوارئ، وبين الاستثمار الهادف إلى تحقيق عوائد مجزية.

تتنوع مجالات الاستثمار بشكل كبير، ولكنها تتركز عادةً في بعض الأسواق التقليدية مثل شراء الأسهم أو الاستثمار في النفط أو الذهب أو غيرها من الأصول المالية. برغم ذلك، من الضروري التفرقة بين أنواع الاستثمار المختلفة، حتى تلك المرتبطة بأصل واحد. على سبيل المثال، فإن الاستثمار في المنتجات النفطية قد ينطوي على الشراء المباشر للنفط الخام أو أحد مشتقاته من البورصات الكبرى، أو بدلاً من ذلك شراء عقود الفروقات لدى وسطاء التجزئة.

تناولنا أيضًا أهمية امتلاك المعرفة الكافية بأسواق المال سواء للتداول بنفسك أو للتدقيق في اختيار مدير الأصول الذي يلبي احتياجاتك. ولكن إذا رغبت في الاستعانة بخدمات إدارة الاستثمار التي تقدمها بعض شركات إدارة المحافظ، فإن القرار سيعتمد على كمية الموارد الاستثمارية المتوفرة لديك، حيث تفترض بعض صناديق الاستثمار حد أدنى للإيداع المطلوب لفتح الحساب.

Total
0
Shares
اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Previous Post

ما هي البيتكوين؟

Related Posts