قصة الملياردير السعودي الوليد بن طلال

مقالة شاملة عن نشأة الأمير الوليد بن طلال، رحلته في مجال الاستثمار، كيف انخفضت ثروته الى النصف بعد احتجازه في الريتز، خلافات الوليد مع مجلة فوربس
الوليد بن طلال بن عبد العزيز آل سعود

الأمير الوليد بن طلال بن عبد العزيز آل سعود هو واحد من أشهر المستثمرين العرب، كما تربع لفترة طويلة على عرش قائمة فوربس للأثرياء في العالم العربي. وفيما يعزي كثيرون ثروة الوليد الطائلة إلى نبوغه الاستثماري، يجادل آخرون بأن انتسابه للأسرة المالكة كانت سبباً رئيسياً في بناء ثروته الضخمة.

ولد الوليد بن طلال في الرياض في 7 مارس عام 1955 وهو حفيد مؤسس السعودية الملك عبد العزيز آل سعود، والده هو الأمير طلال بن عبد العزيز ووالدته هي اللبنانية منى الصلح، وهي ابنة أول رئيس حكومة في لبنان بعد الاستقلال رياض الصلح. شغل والده منصب سفير السعودية في فرنسا كما تولى حقيبة وزير المالية في عهد الملك سعود. عاش الوليد طفولته مع أمه في بيروت بعد أن انفصلت عن والده وهو في سن السابعة.

تخرج الملياردير السعودي من كلية الملك عبد العزيز الحربية في عام 1974 وحصل على درجة البكالوريوس في الإدارة والاقتصاد من جامعة كاليفورنيا.

بدأ الوليد بن طلال، والذي يطلق عليه وارين بافيت الشرق الأوسط، رحلته في عالم المال والأعمال فور تخرجه من إحدى الجامعات الأمريكية عام 1979، حيث عاد إلى السعودية وأنشأ شركة المملكة للتجارة والمقاولات، والتي حققت عائدات كبيرة بفضل العقود التي حصلت عليها في مجالات الإنشاء وتطوير البنية التحتية في السعودية. وتحولت المؤسسة لتأخذ شكلها الحالي في عام 1996 كما غيرت من هيكلها الإداري والاستثماري وأيضاً علامتها التجارية حيث تعمل حالياً تحت مظلة شركة المملكة القابضة. ويمتلك الوليد حوالي 95 بالمئة من أسهم شركة المملكة والتي تملك عددا من الحصص والاستثمارات في العديد من الشركات العالمية الكبرى من بينها شبكة التواصل الاجتماعي تويتر (4.9 بالمئة) وعملاق التكنولوجيا أبل (5 بالمئة).

ثروة الوليد بن طلال

شهدت ثروة الوليد بن طلال موجات من المد والجذر على مدار العقدين الماضيين لأسباب اقتصادية وسياسية متنوعة. في عام 2004، أدرجته مجلة فوربس كرابع أغنى رجل في العالم بثروة قُدرت آنذاك بـ 21 مليار دولار. وفي ذروة الأزمة المالية العالمية عام 2009 تراجع ترتيبه إلى المركز 22 بثروة تقدر بـ 13.3 مليار دولار، ثم ارتفعت لاحقاً إلى 20 مليار دولار.

وقفزت ثروة الوليد بن طلال إلى نحو 36 مليار دولار قبل بضعة أعوام، ثم تهاوت في 2020 إلى نحو 15 مليار دولار. وتراجعت ثروة الوليد من ذروتها في 2018 بعد اعتقاله مع 11 أميراً سعودياً في نوفمبر 2017 في إطار الحملة التي شنها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان على ما أسماه الفساد ونهب المال العام في المملكة. وازدادت الأمور سوءًا على ما يبدو بسبب خسائر أسواق الأسهم العالمية جراء أزمة كورونا وأيضا بعد انهيار أسعار النفط.

وبرغم أن كثيرون يرون أن الحملة التي اعتقل خلالها العشرات من الأمراء ورجال الأعمال البارزين في السعودية كانت تهدف بالأساس إلى تقوية قبضة الأمير الشاب والتخلص من أي معارضة محتملة لتوليه مقاليد الحكم خلفاً لوالده، إلا أن الوليد وآخرون اضطروا في نهاية المطاف إلى دفع مبالغ طائلة لتسوية المشكلات العالقة مع الدولة.

ولم يفصح حتى الآن عن قيمة “المفاهمة” التي توصل إليها الوليد مع السلطات السعودية، وتم بموجبها إطلاق سراحه بعد نحو شهرين من الاعتقال في فندق الريتز الشهير. ونفى الوليد أن تكون السلطات السعودية قد فرضت عليه حظر من السفر أو قيدت سلطاته في إدارة شركة المملكة القابضة، ولكنه لم يغادر السعودية منذ الإفراج عنه في يناير 2018.

ويصر الأمير على أنه لم يرتكب أي مخالفات مالية أو يتورط في عمليات فساد، ولكن أشارت العديد من التقارير الصحفية الى إنه وافق على تسوية مالية بعد الإقرار بارتكاب ”مخالفات“ غير محددة. وقالت الحكومة السعودية أنها جمعت نحو أربعمئة مليار ريال سعودي (107 مليار دولار أمريكي) من التسويات المالية المبرمة مع محتجزي الريتز وأن الأصول تشمل عقارات وحيازات من الأسهم والأوراق المالية ومبالغ نقدية.

برغم ذلك، يجب الانتباه إلى أن تقدير القيمة الحقيقية لثروة الوليد بن طلال محل جدل واسع حتى قبل هذه الأزمة، وهو ما يعزى إلى أن جزء كبير من ثروته يتركز في بلده، السعودية، الأمر الذي يدفع بعض جهات التقييم إلى استبعاد قيمة استثماراته في شركات سعودية بسبب ما تصفه بانعدام الشفافية وانتشار الفساد في المملكة.

ودفع هذا الموقف الوليد إلى قطع علاقته بمجلة فوربس الشهيرة طالباً رفع اسمه من قائمة الأثرياء، كما أعلن أن مسئولي شركته لم يتعاونوا مع فرق التقييم في المجلة الأمريكية منذ 2017. ويعود الخلاف إلى عام 2013 حين ادعت المجلة الأمريكية أن التلاعب بسوق الأسهم في السعودية بات أقرب إلى المقامرة منه إلى الاستثمار الحقيقي. وقالت الصحفية المسئولة عن تقييم الثروات في فوربس، كيري دولان، أنها لاحظت نمطًا غريبًا وهو أن سعر سهم شركة المملكة القابضة يشهد دائمًا ارتفاعا ملحوظاً حين تبدأ المجلة الشهيرة إجراء تقييمها السنوي لثروات أثرياء العالم. وفي المقابل قرر الوليد بن طلال قصر تعاملاته على فريق تقييم الثروات التابع لمؤسسة بلومبيرج.

استثمارات الوليد بن طلال

يحاول الأمير السعودي في لقاءاته الصحفية والتليفزيونية رسم صورة مثالية لرجل أعمال عصامي، حيث يدعي أنه بدأ رحلته في عالم الاستثمار عام 1980 من خلال قرض حصل عليه من والده بقيمة 15,000$. وقال الوليد أنه واجه سلسلة من الإخفاقات والخسائر في بداية رحلته قبل أن يضع قدمه على أول طريق النجاح بفضل استراتيجية تعتمد على التفاوض لإنجاز صفقات كبيرة بعد المساومة الطويلة للحصول على أفضل الأسعار.

وبدأت أولى ملامح نجاح السياسة الاستثمارية للوليد في الظهور خلال عامين 1990 و1991 حيث اشترى حصة ملكية تبلغ 15% من أسهم مجموعة سيتي جروب المصرفية مقابل 800 مليون دولار، وهو الاستثمار الذي تضاعفت قيمته لاحقاً ليصل إلى 2 مليار دولار.

تتوزع استثمارات الوليد بن طلال في قطاعات متعددة تشمل من بينها الفنادق العالمية، مثل فور سيزونس وفيرمونت وموفنبيك، فنادق جورج الخامس في باريس و”كوبلي بلازا” في بوسطن و”بلازا” في نيويورك. كما ينشط الوليد في قطاع الإعلام العربي والعالمي بشكل مكثف حيث يمتلك شركة روتانا للإنتاج الفني بالإضافة لقناة الرسالة، واشترى حصصاً في شركتي نيوز كورب وميديا سيت العالميتين وسي أن أن وفوكس نيوز.

وفي قطاع التكنولوجيا، يستثمر الوليد في شركة أبل منذ 2011، بالإضافة إلى استثماراته في “تويتر” و”سناب”. وحققت شركة المملكة القابضة مؤخرا مكاسب قوية بسبب استثماراتها في شركات التقنية خاصة تطبيقات نقل الركاب ومواقع التواصل الاجتماعي. وجاءت أكبر المكاسب من حصتها البالغة 2.3 بالمئة في شركة ليفت الأميركية لخدمات النقل التشاركي بعد طرحها للاكتتاب العام، وموقعي تويتر وسناب شات للتواصل الاجتماعي، وكذلك من حصتها في شركة كريم لتطبيقات نقل الركاب في الشرق الأوسط، والبالغة 7 بالمئة، حيث حققت مكاسب بقيمة 130 مليون دولار بعد صفقة الاستحواذ عليها من شركة أوبر.

قاد الوليد عددًا من عمليات الاستحواذ داخل السعودية، بما في ذلك الاستحواذ عام 1993 على شركة سوبرماركت باندا والتي اندمجت بعد ذلك مع سوبر ماركت العزيزية، كما أعلن انه شارك في شراء اسهم في أرامكو السعودية عند طرحها للاكتتاب العام بداية العام الحالي.

أسس الوليد شركة جدة الاقتصادية والتي تعاقدت مع عملاق التشييد مجموعة بن لادن السعودية لبناء برج المملكة في جدة ليكون أطول ناطحة سحاب في العالم، على ارتفاع 1000 متر بتكلفة 4.6 مليار ريال سعودي. وبرغم المشاكل التي واجهها المشروع العملاق على خلفية اعتقال معظم داعميه في الحملة التي شنتها المملكة على الفساد، إلا انه من المنتظر أن يتم الانتهاء منه في غضون أشهر وان يتجاوز ارتفاعه برج خليفة في دبي، وهو حاليا أطول مبنى في العالم بارتفاع يتجاوز 828 مترا.

Total
0
Shares
اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Previous Post

تطورات فيروس كورونا وتأثيره على أسواق النفط والأسهم والذهب [إنفوجرافيك]

Next Post
وارين بافيت

نظرة على استثمارات وارين بافيت في قطاع النفط

Related Posts
تداول الأسهم

أسرار تداول الأسهم، كيف تبدأ، استراتيجيات الربح والمخاطر

سنتناول في السطور التالية المفاهيم الأساسية والمصطلحات الرئيسية لتداول الأسهم، وبعدها ستكون قد حصلت على جرعة كافية من المعلومات التي تؤهلك للغوص بنفسك في جنبات عالم الاستثمار.
Read More

ما هو الإيثريوم؟

شبكة الإيثريوم هي التي قدمت لعالم العملات الرقمية مفهوم “العقود الذكية”، والتي مثلت تحولاً هائلاً في هذا المجال حيث وجهت الأنظار إلى الإمكانات الكامنة لتكنولوجيا البلوكشين، بعد أن كانت تقتصر في السابق على كونها دفتر عام لتسجيل معاملات العملات المشفرة.
Read More