تداول العقود الآجلة – دليل المبتدئين

دليل شامل عن تداول العقود الآجلة. تعرف على الفرق بين العقود الآجلة والمستقبلية، أين وكيف تتداول عقود المستقبليات. تعرف على أسواق العقود الآجلة على الذهب والنفط وغيرها من الأصول المالية

هل أنت وافد جديد إلى عالم تداول العقود الآجلة والمستقبلية؟ أم أنك متداول بالفعل في أسواق مالية أخرى وترغب في تنويع استثماراتك، والبحث عن المزيد من فرص الربح في أسواق المشتقات المالية.

بغض النظر عن الهدف الذي تصبو إليه، ستساعدك هذه المقالة في التعرف بشكل أدق على أسواق العقود الآجلة والمستقبلية من خلال استعراض المفاهيم والمصطلحات الرئيسية التي تشكل جوانب هذا السوق المثير.

إذا كنت ترغب في توسيع استثماراتك، أو تسعى فقط لمعرفة المزيد من المعلومات عن أسواق العقود الآجلة والمستقبلية، فسوف يساعدك هذا الدليل في الإلمام بالمعلومات المطلوبة.

ما هو تداول العقود الآجلة؟

العقد الآجل هو اتفاق قانوني بين طرفين لشراء أو بيع أصل معين بسعر محدد في تاريخ مستقبلي. بعبارة أبسط، فإن أحد الأطراف يرغب في شراء كمية محددة من سلعة معينة، وبجودة متفق عليها، في تاريخ محدد مستقبلي، وفي نفس الوقت سيوافق الطرف الثاني على بيع السلعة المطلوبة بالكمية والسعر المحددين مع التأكيد على تسليم الأصل محل التداول في الموعد المتفق عليه.

يعتمد سعر العقد الآجل على سعر الأصل الأساسي المرتبط به. بعبارة أخرى، إذا كانت لديك عقود آجلة على الدولار الأمريكي، فإن قيمة العقد ستعتمد على أداء العملة الخضراء في الوقت الحالي، وأيضاً اتجاهاتها المتوقعة في المستقبل.

الفرق بين العقود الآجلة والعقود المستقبلية

سنتوقف قليلاً عن الاستطراد في المقدمة التمهيدية لأننا نرى من الضروري أن نحاول أولاً إيضاح الفرق بين العقود الآجلة والعقود المستقبلية. هذا الإيضاح هام للغاية لأن كلا المصطلحين يُستخدمان بشكل مترادف على ألسنة المحللين والمتداولين، وهو ما قد يصيب المتداول المبتدئ ببعض الحيرة. لذا سنحاول إبراز الفوارق بين كلا المفهومين في النقاط التالية.

  • تتشابه العقود الآجلة والعقود المستقبلية في معظم الخصائص: حيث ينطوي كلاهما على اتفاق مُلزم بشراء أو بيع الأصول في تواريخ محددة وعند أسعار متفق عليها.
  • الفرق الرئيسي هو أن العقد المستقبلي ينطوي على وحدات قياسية من السلعة أو الأصل محل التداول. أبرز مثال على ذلك هي العقود المستقبلية المتداولة في البورصات الكبرى على الذهب والفضة والنفط الخام، وكذلك العقود المستقبلية على العملات وأسعار الفائدة والعديد غيرها. 
  • وكما أشرنا، يتداول العقد المستقبلي في بورصات رسمية، وبالتالي لا يلزم أن يتقابل البائع والمشتري وجهًا لوجه، حيث أن جميع شروط العقد واضحة، ولهذا يتولى وسيط تسهيل إتمام الصفقة مقابل العمولة التي يحصل عليها. 
  • هذه الخصائص تجعل من العقود المستقبلية أكثر سيولة، وبالتالي يتغير سعر العقد صعودًا وهبوطًا بالتوازي مع حركة الأصل الأساسي.
  • يتطلب تداول العقود المستقبلية دفع هامش مقابل فتح الصفقة، بالإضافة إلى هامش متحرك لاستيعاب الأرباح والخسائر الناتجة عن تقلبات السوق قبل حلول موعد التسوية.
  • تتيح بعض أنواع العقود المستقبلية تسوية العقد قبل حلول موعد الاستحقاق، مع الاعتراف بالأرباح والخسائر الناتجة وقت إغلاق الصفقة. وحتى في حالة عدم توفر هذا الخيار، يستطيع المتداول بيع العقد المستقبلي الذي بحوزته في السوق في أي وقت.

خصائص العقد الآجل

يتشابه العقد الآجل مع العقد المستقبلي في معظم الخصائص، باستثناء ما يلي:

  • العقد الآجل هو اتفاق يتم إبرامه بشكل مباشر خارج المقصورة بين طرفين. وبرغم أن هذا العقد يظل ملزم قانونًا، ولكن تتحدد تفاصيله بموجب التفاوض بين المشتري والبائع، ونعني هنا اختيار السلعة محل العقد، الكمية والجودة، تاريخ الاستحقاق، الهامش المطلوب، وغيرها من بنود التعاقد.
  • هذه الطبيعة غير القياسية للعقد غير الآجل تفرض بطبيعتها اختلافات عن العقد المستقبلي، ربما أبرزها عدم القدرة على تسوية العقد قبل حلول موعد الاستحقاق، وعدم الاعتراف بأي أرباح أو خسائر طوال فترة تداول العقد، ضرورة جلوس المشتري والبائع وجهًا لوجه للاتفاق على كافة هذه التفاصيل.
  • يحمل العقد الآجل مخاطر أكبر لأنه يعتمد على نية وقدرة الطرف المقابل على الوفاء بالتزاماته. على العكس من ذلك، فإن تنفيذ استحقاقات العقد المستقبلي تكون مضمونة بسبب ضخامة أعداد المتعاملين، وكذلك وجود شركات وساطة وبيوت مقاصة تتولى احتجاز الهوامش المطلوبة لضمان وفاء كافة أطراف العقد بالتزاماتها.
  • كما أشرنا آنفًا، يجري استخدام مصطلحات العقود الآجلة والعقود المستقبلية بشكل مترادف، بمعنى أنك ستلاحظ في كتابات عديدة الخلط بين كلا المفهومين واستخدام أحدهما محل الآخر.

الأطراف الرئيسية في أسواق العقود الآجلة والمستقبلية

هناك ثلاثة أنواع رئيسية من المتداولين والمستثمرين في أسواق العقود الآجلة والمستقبلية:

  1. المنتجين

تشمل هذه الفئة جهات الإنتاج، سواء الصغيرة أو الكبيرة، التي تقوم ببيع منتجاتها في أسواق العقود الآجلة بغرض الحصول على تدفقات نقدية والتحوط من انخفاض الأسعار. تساعد أسواق العقود الآجلة المنتجين على ضمان بيع منتجاتهم بأسعار محددة الأمر الذي يساعد على دراسة التكاليف وضبط هوامش الأرباح.

  1. المشترون التجاريون

هذه الفئة هي الطرف المقابل للمنتجين، حيث تضم الأطراف التي تشتري هذه السلع لاستخدامها في عملياتها التشغيلية المختلفة. على سبيل المثال، تشتري شركات تكرير المشتقات البترولية النفط الخام من الدول والشركات المنتجة. تتحول مصافي التكرير بدورها إلى لعب دور المشتري لاحقًا، حيث تقوم هي الأخرى ببيع منتجاتها في أسواق العقود الآجلة إلى طبقة ثانية من المستهلكين مثل شركات الطيران ومحطات الوقود وغير ذلك.

  1. المضاربون

تشمل هذه الفئة المتداولين والمستثمرين الذين يدخلون إلى أسواق العقود الآجلة بهدف تحقيق الأرباح وليس استلام السلعة محل العقد بشكل فعلي. بعبارة أخرى، فإن المضارب قد يشتري النفط على أساس التوقعات بأن السعر سيرتفع نتيجة زيادة الطلب أو نشوب نزاعات دولية أو إلى ما ذلك. 

في هذه الحالة لا يحتفظ المستثمر بالعقد الآجل حتى يوم الاستحقاق لأنه لا يستهدف استلام السلعة بشكل مادي، ويلجأ بدلًا من ذلك إلى بيع العقد إلى الأطراف المهتمة قبل حلول موعد الاستحقاق. يلقي كثيرون باللائمة على المضاربين في التقلبات السعرية الحادة التي تشهدها الأسواق، لأن قراراتهم تعتمد على عاملي الربح والخسارة وليس الاحتياج الفعلي. برغم ذلك، فإن فئة المضاربون يقدمون خدمات جليلة لأسواق العقود الآجلة، والأسواق المالية عمومًا، من خلال تعزيز السيولة، الأمر الذي يسهل الدخول إلى السوق والخروج منه دون تذبذبات حادة أو التأثير على السعر.

أنواع العقود الآجلة

للوهلة الأولى، قد يعتقد القارئ أن أسواق العقود الآجلة هي شيء واحد تقدم منتج فريد، كما هو الحال مع أسواق العملات والسلع والمعادن، وغيرها من فئات الأصول. هذا الأمر غير صحيح، لأن العقود الآجلة هي بطبيعتها تندرج ضمن ما يطلق عليه المشتقات المالية، والتي تعتمد أسعارها واتجاهاتها على سعر وحركة الأصل الأساسي الذي تتبعه.

بعبارة أخرى، ستصادف مصطلحات مثل أسعار الذهب الآجلة والعقود الآجلة للسلع والعقود الآجلة للمؤشرات. ثم ينطبق نفس الأمر عند تداول المستقبليات، فهناك العقود المستقبلية على السلع والعملات والمعادن وغيرها. هناك أيضًا العقود الآجلة على المؤشرات، والتي تقتفي أسعار مؤشرات الأسهم الرئيسية في البورصات الكبرى، مثل مؤشر S&P 500 والداو جونز وناسداك.

بطبيعة الحال، سيعتمد اختيارك للعقود الآجلة التي تنوي تداولها على هدفك من الاستثمار وفئة المتداولين التي تنتمي إليها. على سبيل المثال، إذا كنت تراهن على زيادة الطلب العالمي على الطاقة في المستقبل بعد رفع قيود الإغلاق التي فرضتها العديد من البلدان بسبب فيروس كورونا، عندها قد يكون قرار الاستثمار الأصوب هو شراء العقود الآجلة على النفط.

إيجابيات و سلبيات العقود الآجلة

هناك مزايا عديدة يوفرها التداول في أسواق العقود الآجلة والمستقبليات، وهو ما يفسر ضخامة أعداد المتعاملين بها حيث تبلغ أحجام تداولاتها اليومية مئات المليارات من الدولارات. نستعرض في السطور القادمة الفوائد الرئيسية للتداول في أسواق العقود الآجلة والمستقبلية.

  1. السيولة

ترتبط أسواق العقود الآجلة بكافة أنواع الأصول المالية المتاحة، وهو ما يجعل منتجاتها مرغوبة من قبل المشترين والبائعين والمتحوطين والمضاربين وشركات الاستثمار على اختلاف أنواعها. هذا التنوع في فئات المشاركين في السوق، جنبًا إلى جنب مع ضخامة أعدادهم، يساهم في تعزيز سيولة السوق وهو أمر محوري لضمان استقرار الأسعار، وكذلك الحيلولة دون التلاعب بها لمصلحة فئة معينة.

  1. التحوط

كما أشرنا سابقًا، فإن أحد الفئات الرئيسية في أسواق العقود الآجلة هم المضاربون، والذين يدخلون السوق ببساطة بغرض تحقيق الربح، وليس لحاجتهم إلى السلعة محل التداول. برغم ذلك، فإن هذه المجموعة من المشترين “غير التجاريين” تضم مستثمرين لا يدخلون السوق بهدف الربح بشكل أساسي. يطلق على هؤلاء “المتحوطون”، وهم يستهدفون شراء أو بيع العقود الآجلة بغرض التحوط من مخاطر تقلبات الأسعار أو لحماية صفقاتهم المفتوحة في أسواق أخرى. 

على سبيل المثال، قد تقوم شركة طيران بشراء العقود الآجلة على النفط الخام التي يحل موعد استلامها بعد ستة أشهر. في هذه الحالة، فإن شركة الطيران لا تصنف ضمن المشترين التجاريين، لأنها لا تستخدم النفط الخام في أعمالها، حيث تشتري الوقود الذي تحتاجه لتسيير أسطولها الجوي من مصافي التكرير. 

إذًا ما الهدف من شراء النفط الخام؟ 

الأمر ببساطة هو أن أسعار وقود الطائرات وباقي المشتقات البترولية تعتمد على سعر النفط الخام. ارتفاع أو انخفاض الأسعار في السوق الفورية قد يكبد شركة الطيران خسائر كبيرة، لأنها تبيع تذاكرها مقدمًا ولفترة طويلة قد تصل إلى عام. يتطلب ذلك تثبيت تكلفة التشغيل، وعلى رأسها بالطبع الوقود، وهو أمر لن تقبل به الشركات الموردة. تلجأ شركة الطيران في هذه الحالة إلى شراء العقود الآجلة على النفط الخام، وبالتالي في حال ارتفاع الأسعار بحلول موعد الاستحقاق فإنها ستحقق أرباح تعوضها عن خسائر بيع التذاكر بسعر مخفض. وحتى إذا حدث العكس، وانخفض سعر النفط بشكل كبير، فإن الخسائر التي ستحققها من صفقات العقود الآجلة سيعوضها بيع التذاكر بأسعار مرتفعة قبل انخفاض النفط.

  1. تنويع الاستثمارات

تعتبر أسواق العقود الآجلة أحد الأدوات الهامة لتنويع المخاطر الاستثمارية. يعتبر تنويع المحفظة هو أحد قواعد الاستثمار الرئيسية بغرض توزيع المخاطر على عدد أكبر من القطاعات الاقتصادية. على سبيل المثال، إذا تكبدت المحفظة خسائر في أسواق العملات، فسوف تعوضها المكاسب المحققة في أسواق أخرى مثل السلع. يساعد التحوط كذلك على توفير وقت ومجهود المتداول حيث يحتاج إلى متابعة أقل لتحركات السوق (مقارنة بالفوركس أو الأسهم).

أيضًا فإن التقلبات الشديدة لأسواق الأسهم تجعل من الضروري تنويع الاستثمار من خلال أدوات متعددة، مثل شراء العقود الآجلة على مؤشرات الأسهم. على سبيل المثال، إذا كنت تستثمر في إحدى شركات النفط لأن توقعاتك خلصت إلى أن الطلب على الطاقة سوف يرتفع في الشهور القادمة، لكنك في نفس الوقت تتخوف من مواجهة الشركة التي استثمرت بها لمخاطر تشغيلية – مثل تعطل حقول الإنتاج لأسباب مناخية أو سياسية أو مالية – عندها يمكنك التحوط لاستثمارك في سهم الشركة المذكورة من خلال شراء عقود آجلة على مؤشرات أسهم قطاع الطاقة أو حتى العقود الآجلة للنفط. 

خاتمة

تعتبر العقود الآجلة والعقود المستقبلية واحدة من أهم الأدوات الاستثمارية في العصر الحديث. توفر هذه النوعية من المشتقات المالية فرص هائلة لتنويع المحفظة الاستثمارية وتوزيع المخاطر على عدد أكبر من القطاعات، ناهيك عن مزايا السيولة الكبيرة والإطار التنظيمي القوي الذي يحكم أسواق العقود الآجلة. 

هناك أيضًا مزايا عديدة لم نتعرض لها بالتفصيل في هذه المقالة، مثل استخدام الرافعة المالية، والتي تتيح لك فتح صفقات بقيمة تبلغ عدة أضعاف رأسمالك الفعلي. ولكن لا تنسى المخاطر المصاحبة للتداول بالهامش. وفي كل الأحوال يتعين التدقيق في اختيار وسيط تداول العقود الآجلة.

الميزة الرئيسية للتداول في أسواق العقود الآجلة هي أنها تتيح عدد لا حصر له من فرص الربح المختلفة في ظل تنوع الأصول الأساسية التي تعتمد عليها. هذا الأمر يسهل بشكل كبير على المتداولين في الأسواق الأخرى الدخول إلى عالم العقود الآجلة لأن الأدوات التي يستخدمها المستثمر، مثل التحليل الفني والأساسي، تظل كما هي، حيث يكون الاستثناء الوحيد هو شروط التداول مثل نسب الرافعة المالية والهامش المطلوب.

Total
0
Shares
اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Previous Post

دليل تداول السلع للمبتدئين

Next Post

ما هي صناديق المؤشرات المتداولة (ETF)

Related Posts